في كل سنة يتم إنقاذ حياة ملايين البشر في مختلف أنحاء العالم من خلال نقل الدم. وخلال هذه العملية يأخذ المُتلقّي دماً كاملاً أو أحد مكونات الدم، وهي:
• كريات الدم الحمراء – وهي الكريات التي تحمل الأوكسجين إلى أنسجة الجسم وأجهزته
• الصُّفيحات – وهي الخلايا التي لتي تعمل على التحكم بالنزف
• البلازما – وهي الجزء السائل من الدم الذي يُساعد على تجلط الدم
يظن بعض الناس أن من الممكن أن يمرضوا إذا تبرعوا بالدم أو إذا خضعوا لنقل الدم إليهم. إن هذا ممكن، لكنه نادر جداً لأن الهيئات و المراكز التي تقوم بجمع الدم تتأكد من سلامته، ويتم اختبار كل تبرع على حده للتحري عن وجود مرض الإيدز (متلازمة عوَز المناعة المكتسب) والتهاب الكبد من النوع سي والزُّهري وعدد من الأمراض الأخرى يمكن أن تنتقل عن طريق الدم. وثمة من يقومون بتخزين كمية من دمهم قبل إجراء العمليات الجراحية لهم لكي يتم نقلها إلى أجسامهم عند الحاجة. وهذه هي أكثر الطرق أماناً لنقل الدم.
مقدمة
إن نقل الدم إجراء واسع الانتشار. ففي كل عام، يحتاج عشرات الملايين من الناس في العالم إلى إجراء نقل الدم.
يتم نقل الدم لتعويض فقدان الدم الناجم عن الجراحة أو عن إصابة خطيرة. كما يتم عندما لا يُنتج الجسم كمية كافية من الدم بسبب أمراض معينة.
ويساعد هذا البرنامج الناس على تكوين فهم أفضل لإجراء نقل الدم، إضافة إلى فوائده ومخاطره المتوقعة.
أنماط الدم
يلعب الدم دوراً مهماً في الجسم. فهو ينقل الأكسجين والمواد الغذائية الهامة إلى الأعضاء والانسجة. ومن المهم لصحة كل إنسان بشكل عام أن يكون دمه في حالة سليمة.
يتكون الدم من عدة أنواع من الخلايا التي تسبح في البْلازما. تتكون البلازما من الماء بصورة رئيسية مع بعض المواد الكيميائية. ومن هذه المواد الكيميائية الكولسترول والبروتينات والهرمونات والأملاح المعدنية والفيتامينات والسُّكر. ويُدعى السكر الموجود في الدم باسم الجلوكوز (سُكر العِنَب).
في الدم ثلاثة أنواع أساسية من الخلايا:
خلايا الدم الحمراء
خلايا الدم البيضاء
الصُّفَيحات
وهناك أنماط من الزُّمَر الدموية، مثل A أو B أو AB أو O. إن كلاً من الحرفين A و B يشير إلى وجود بروتين مُحدد موجود على خلايا الدم الحمراء.
إن الأشخاص الذين يملكون البروتين A تكون زمرة دمهم A، والذين عندهم البروتين B تكون زمرة دمهم B، أما الذين عندهم البروتين A والبروتين B معاً فتكون زمرة دمهم AB. وأما الأشخاص الذين لا يملكون أياُ من هذين البروتينين فإن زمرة دمهم تكون O.
يوجد بروتين آخر على بعض خلايا الدم الحمراء اسمه بروتين ريسوس (RH). يُدعى الأشخاص الذين لديهم هذا البروتين "إيجابيو RH". ويُدعى الذين ليس لديهم هذا البروتين "سلبيو RH". تُستخدم إشارتا الزائد (+) والناقص (-) للتعبير عن الإيجابية والسلبية.
يُمكن أن تكون أي زمرة من الزمر الدموية ( A أو B أو AB أو O) سلبية أو إيجابية. هذا يعني وجود ثماني زمر دموية مختلفة.
وفيما يلي الزمر الدموية الثمانية:
A سلبي: A-
A إيجابي: A+
B سلبي: B-
B إيجابي: B+
سلبي: O-
إيجابي: O+
AB سلبي: AB-
AB إيجابي: AB+
إن الزمرة الدموية شديدة الأهمية عندما يحتاج الشخص إلى نقل الدم. وتعود أهمية الزمرة الدموية إلى أن تلقي الشخص لدمٍ لا يتوافق مع زمرته الدموية قد يُسبب تفاعل نقل الدم، وهو مرض بالغ الخطورة، بل يُمكن أن يُعَرِّض حياتَه للخطر أيضاً.
إن نقل زمرة الدم O آمن بالنسبة لمعظم الأشخاص. وفي الحقيقة فإن حوالي أربعين بالمئة من السكان في أمريكا الشمالية وواحد وثلاثين بالمئة من سكان الشرق الأوسط لديهم زمرة الدم O. وفي حالات الطوارئ، أي عندما لا يوجد وقت لفحص الزمرة الدموية للشخص، يُعطى الناس غالباً زمرة الدم O.
ويُطلق على الأشخاص من زمرة الدم AB مُتَلقين عامين. وهذا يعني أنهم يستطيعون تَلقّي أي زمرة دموية.
ويمكن لمن كان لديه زمرة الدم RH إيجابي أن يتلقى الدم الإيجابي الـ RH أو السلبي الـ RH. اما من كان لديه دم سلبي الـ RH، فيمكنه أن يتلقى فقط الدم السلبي الـ RH. وكما هي الحال بالنسبة للزمرة الدموية O. يُستخدم الدم سلبي الـ RH في حالات الطوارئ عندما لا يوجد وقت لاختبار زمرة RH للشخص المُصاب.
أنواع نقل الدم
غالباً ما نحصل على الدم المُستخدم في نقل الدم من بنك الدم. تقوم بنوك الدم بجمع الدم وفحصه وتخزينه. وهي تفحص الدم الذي يتم التبرع به فحصاً دقيقاً من أجل تجَنَبُّ المشاكل المحتملة مثل الفيروسات التي يُمكن أن تصيب من يتلقى الدم بالمرض.
فإذا تقرر إجراء عملية جراحية لأحد الأشخاص وعلم ذلك الشخص أنه قد يحتاج إلى نقل الدم أثناء العملية أو بعدها فمن الممكن استخدام دمه هو لهذه الغاية. ففي هذه الحالة، يكون على ذلك الشخص تقديم دم من جسمه خلال زيارتين إلى مركز نقل الدم، بحيث يُمكن نقله إليه من جديد إن احتاج إلى نقل الدم. ويُخزَن الدم عادةً في بنك الدم. وعندما يتم إعطاء الشخص دماً مأخوذاً من دمه هو فإن ذلك يُدعى "نقل الدم الذاتي".
ويُمكن نقل الدم الكامل كما يُمكن نقل بعض مكوناته فقط. ففي بعض الأحيان يتم نقل قسم من مكونات الدم مثل الصُّفَيحات أو خلايا الدم الحمراء. وفي أحيان أخرى، يحتاج المريض إلى نقل الدم بكامل مكوناته.
تنقل خلايا الدم الحمراء الأوكسجين من الرئتين إلى الأعضاء والانسجة. وقد يحتاج المريض إلى نقل خلايا الدم الحمراء إذا فقد قسماً من دمه بسبب إصابة أو جِراحة أو إذا كان مُصاباً بفَقر الدم أو الأنيميا. إن خلايا الدم الحمراء هي أكثر مُكوّنات الدم استخداماً في عمليات نقل الدم.
وفَقر الدم أو الأنيميا هو قِلة عدد خلايا الدم الحمراء. ويُمكن أن يحدث هذا بسبب نقص الحديد. كما أن نقص بعض الفيتامينات يُمكن أن يُسَبِّب أمراضاً تؤدي إلى فَقر الدم.
أما الصُّفَيحات فهي جزء من الدم يساعد في تخثر الدم وإيقاف النزف. وفي بعض الأمراض، لاينتج الجسم كمية كافية من هذه الصُّفَيحات. وقد يحتاج المريض إلى نقل الصُّفَيحات إذا كان مُصاباً بأمراض معينة أو باضطراب في تَخَثُّر الدم.
إن البلازما هي الجزء السائل من الدم الذي يحوي الجلوكوز والكولسترول والبروتينات والهرمونات والأملاح المعدنية والفيتامينات. وقد يحتاج المريض إلى نقل البلازما إذا أُصيب بحُروق شديدة، أو قصور كبدي، أو عدوى خطيرة.
المعالجات البديلة
يُحاول العلماء اكتشاف طرق لتصنيع الدم. لكن، لا يوجد حتى الآن أيُّ بديل صُنْعي عن الدم البشري.
لقد طَوَّر الباحثون مُستحضرات طبية يُمكنها أن تَحل محل بعض أجزاء الدم. وهناك أدوية تُساعد المرضى على زيادة إنتاج بعض الخلايا الدموية. وهذا ما يؤدي إلى تقليل حاجة المريض إلى إجراء نقل الدم.
أثناء العمليات الجراحية يُحاول الجراحون تقليل كمية الدم التي يفقدها جسم المريض بحيث تقلّ حاجته إلى نقل الدم. وهم يقومون أحياناً بجمع الدم النازف من المريض من أجل إعادته إليه من جديد.
العلاجات البديلة
لنقل الدم للمريض، ينبغي فحص الدم لديه لتحديد الزُمرة الدموية. فقبل إجراء نقل الدم، يأخذ الطبيب المُختَص كمية قليلة من دم المريض من الإصبع أو من الذراع من أجل التعرف على زمرته الدموية. ومن أجل زيادة الأمان، قد يكرر الطبيب سحب عينة ثانية من الدم للتأكد من الزُمرة الدموية.
لا يحتاج معظم المرضى إلى القيام بأي تغيير على نشاطهم العادي أو على نظامهم الغذائي قبل نقل الدم. ويُخبر الطبيب مريضه عند الحاجة إلى إجراء أي تغيير في نششاطه المعتاد.
يمكن نقل الدم عادةً في العيادات الطبية أو في المستشفى.
ويُدخل الطبيب إبرة في أحد أوردة المريض. وعند ذلك يَمُر الدم إلى جسم المريض عبر هذه الإبرة.
يراقب الطبيب مريضه أثناء نقل الدم تحسباً لحدوث أي نوع من التفاعل. يستغرق نقل الدم عادة من ساعة واحدة إلى أربع ساعات تبعاً لكمية الدم التي يحتاجها المريض.
وقبل البدء بنقل الدم بربع ساعة، يتم فحص العلامات الحيوية مثل الحرارة وضغط الدم وسرعة التنفس وسرعة ضربات القلب لدى المريض. ثم يكرر فحص تلك العلامات الحيوية بعد ربع ساعة من بدء نقل الدم، ثم تُعاد هذه القياسات مرة أخرى عندما ينتهي نقل الدم، وعندها يمكن سحب الإبرة الوريدية.
وقد يحتاج الطبيب أيضاً إلى إجراء اختبارات على دم المريض بعد نقل الدم إليه لمعرفة كيفية تفاعل جسمه مع نقل الدم.
ويُقدم الطبيب لمريضه مزيداً من المعلومات عن العلامات والمضاعفات التي يجب أن ينتبه إليها المريض بعد عودته إلى البيت.
المخاطر
إن نقل الدم إجراء آمن جداً، لكن المضاعفات يمكن أن تحدث. ومن الأفضل أن يتعرف المريض عليها تحسُّباً لحدوثها.
ويشرح الطبيب لمريضه ما قد يصاحب نقل الدم من المخاطر والفوائد، كما يستعرض معه البدائل المتاحة لنقل الدم. ويمكن للمريض أن يسأل فريق الرعاية الصحية إذا كان لديه أية استفسارات حول ذلك.
في بعض الأحيان قد يصاب المريض بتفاعل تحسسي من الدم المنقول إليه، وقد يحدث ذلك حتى عند إعطائه زمرة الدم الصحيحة. وتتراوح هذه التفاعلات التحسسية بين معتدلة وخطيرة. ومن بين علامات التفاعلات التحسسية: القلق، وألم الظهر أو الصدر، وازدياد سرعة ضربات القلب، وانخفاض ضغط الدم، واضطراب التنفس، والحُمَّى، والرعدة، والغَثَيان.
ويمكن للطبيب أن يعطي مريضه دواءً يوقف التفاعلات التحسسية. وعلى المريض أن يخبر طبيبه إذا كان قد سبق له أن أصيب بتفاعلات تحسسية عند نقل الدم إليه. وعندها سيعمل الطبيب كل ما بوسعه لضمان سلامة مريضه.
وقد يستمر الألم والازْرِقاق في مكان إدخال الإبرة الوريدية أياماً عديدة بعد إجراء نقل الدم.
إن كل الدم الذي يستخدم في نقل الدم يتم اختباره بدقة للتأكد من أنه آمن للاستخدام في نقل الدم. وذلك لأن الفيروسات والأمراض المعدية، مثل الإيدز، يمكن أن تنتقل عبر نقل الدم. إن التعرض للعدوى بفيروس أو مرض بسبب عملية نقل الدم أمر مستبعد كثيراً، لكنه يُمكن أن يحدث.
يُصاب بعض الأشخاص بارتفاع في درجة الحرارة في اليوم الذي يتم فيه نقل الدم إليهم. والسبب هو استجابة أجسامهم لخلايا الدم البيضاء في الدم الذي تلقوه. ويمكن أيضاً أن يحدث ذلك بسبب المواد الحافظة المُستخدمة في بنوك الدم. يُمكن عادةً مُعالجة ارتفاع درجة الحرارة بأدوية تُباع من غير وصفة طبية.
إن التعرض لنقل الدم مرات عديدة يمكن أن يُفضي إلى تراكم الحديد في الدم. وهذا ما يُمكن أن يؤذي الكبد والقلب وأجزاء أخرى من الجسم. ويحدث ذلك عند الأشخاص الذين يتطلب وضعهم الصحي الإكثار من نقل الدم إليهم.
في حالات نادرة، يُمكن أن يُسَبب نقل الدم إصابة في الرئة ينتج عنها اضطراب في التنفس. وعادة ما يحدث هذا خلال ست ساعات من إجراء نقل الدم. يقوم فريق الرعاية الصحية بمراقبة المريض مراقبة مباشرة من أجل الانتباه إلى علامات تفاعل نقل الدم ومعالجتها على الفور.
الخلاصة
إن عمليات نقل الدم آمنة جداً ويُمكن أن تنقذ حياة الكثير من المرضى.
يُمكن أن تحدث بعض المضاعفات بعد نقل الدم، لكن حدوثها أمر قليل الاحتمال. إن معرفة المريض بهذه المضاعفات يُمكن أن تُساعده في الكشف عنها ومعالجتها في وقت مبكر إذا حدثت
0 التعليقات:
إرسال تعليق